الوسيلةُ الثانيةُ : التأكيدُ على تعليمِه الوضوءَ والصَّلاةَ ، وإنَّ أخطرَ شيءٍ نلحظُه اليومَ على صغارِنا هو إهمالُ هذا الجانبِ ، فتجدُ غالبَ الأولادِ يبلغُ العاشرةَ من عُمُرِه لا يعرفُ كيفَ يصلِّي !
وهذا أمرٌ مشاهَدٌ محسوسٌ ، فانظُر إليهم في المساجدِ عندَ ركُوعِهم وسجُودِهم ولَعبِهم وضَربِهم لبعضٍ !
فلماذا لا يجلسُ الأبُ أو الأمُّ وقتاً يسيراً لتعليمِ صغارِهم هذا الرُّكنَ العظيمَ ؟ وذلك بالتَّطبيقِ العمليِّ أمامَه ثُمَّ ليطبِّقْ الولدُ ما يراه ، فإن أخطأَ وُجِّهَ بدون تعنيفٍ .
إنَّ أولادَنا الصِّغارَ كثيراً ما يندفعُون لتقليدِ آبائهم وأمَّهاتِهم في الصَّلاةِ ، فيقفُون بجوارِهم ، ويفعلُون كما يفعلُ آباؤهم ، ولذلك نوصي الأبَ بأن يحرصَ على صلاةِ الرَّواتبِ والنَّوافلِ في البيتِ ، بل هذه هي السنَّةُ فقد قالَ صلى الله عليه وسلم " صَلُّوا- أَيُّهَا النَّاسُ- فِي بُيُوتِكُمْ ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ "[2] .
وفي صلاةِ النَّافلةِ في البيوتِ فوائدُ كثيرةٌ منها :
تشجيعُ الزَّوجةِ والأهلِ على العبادةِ ، وإحياءُ البيتِ وطردُ الشَّياطين ، وكثرةُ مشاهدةِ الصِّغارِ والدَهم وهو يُصلِّي ، وهذا ما يُسمَّى عندَ علماءِ التَّربيةِ بأسلوبِ التَّربيةِ بالعادةِ وهو من أسهلِ الأساليبِ وأفضلِها .
وكم نغفلُ عن هذا المنهجِ النبويِّ في أمرِ الصَّلاة ،فقد قالَ صلى الله عليه وسلم " مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ "[3] ،
وفي هذا الحديثِ يَمرُّ الصَّغيرُ بثلاثِ مراحلَ :
• قبلَ السَّبعِ ، وهذا أمرٌ مندوبٌ إليه أن يُشَجَّعَ الصَّغيرُ بالتَّلميحِ والتَّعريضِ في الصَّلاةِ .
• وما بعدَ السَّبعِ ،وهنا يجبُ على الأبِ وعلى الأمِّ أن يعلِّما صغيرَهما على الصَّلاةِ وأركانِها وما يقولُ فيها .
• ثُمَّ المرحلةُ الثالثةُ عندَ العشرِ وما بعدَها ، فإن لم يستجِب الصَّغيرُ فكما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم " وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ " ، ولا يُستعمَلُ العقابُ البدنيُّ _ أي الضَّرب _ إلا بعدَ فَشَلِ جميعِ الوسائلِ والعقوباتِ الأخرى من وعظِه وتعنيفِه وهجرِه - أي لا يكلِّمُه ولا يمازحُه ويحرمه بعضَ ما يحبُّ - .
وكم نقعُ في أخطاء تربويَّةٍ جسيمةٍ في أمرِ الصَّلاةِ بدون أن نشعرَ ، ومن هذا الحرصُ الشَّديدُ على إيقاظِه للمدرسةِ والاهتمامُ بذلك ، وألاَّ يتأخَّرَ لحظاتٍ ورُبَّما عقابُه لو تأخَّرَ ، أمَّا صلاةُ الفجرِ فتأخذُ الأمَّ الشَّفَقَةُ والرَّحمةُ بإيقاظِ ولدِها لها ، فلا يصلِّيها إلا عندَ ذهابِه للمدرسةِ ، مع أنَّ الولدَ بلغَ العاشرةَ ، يندب له أن يصليها لوقتِها مع جماعةِ المسلمين !
ولاشكَّ أنَّ الأمَّ آثمةٌ في مثلِ هذا الفعلِ ، وأنَّ الشَّفقةَ والرَّحمةَ تكون في إيقاظِه وصلاتِه مع المسلمين ، ولذلك قال الحقُّ عز وجل } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا{[التحريم:6]، فإذا أردنا الشَّفَقَةَ ووقايةَ أولادِنا فذلك يكونُ بتعليمِهم وتأكيدِ أهميَّةِ صلاةِ الفجرِ معَ المسلمين في وقتِها .
يُروى في سيرةِ الإمامِ أحمدَ أنَّ أمَّه كانَت توقظُه في ثُلُثِ الَّليلِ الأخيرِ فتسخِّنُ له الماءَ فيصلِّي ما شاءَ الله أن يُصلِّي ، ثُمَّ إذا أذَّنَ لصلاةِ الفجرِ أخذَت بيدِه وسارَت معه حتَّى أدخلَته المسجدَ ثُمَّ قبعَت عندَ عَتَبةِ المسجدِ تنتظرُ صغيرَها حتى ينتهي من الصَّلاةِ ،فإذا انتهى أخذَت بيدِه وأرجعَته إلى بيتِها .
هكذا كانت الأمَّهاتُ رضوانُ الله تعالى عليهِنَّ في الحرصِ على تربيةِ الصغيرِ والاهتمامِ به ، ولذلك كان خلفَ الإمامِ أحمدَ من خَلْفَهُ من أمٍّ صالحةٍ تحرصُ على تربيةِ هذا الصَّغيرِ تربيةً ربانيَّةً .
الوسيلةُ الثَّالثةُ :
القدوةُ الصَّالحةُ ،فإنَّ الصِّغارَ يبدؤون التَّقليدَ من السَّنَةِ الثَّانيةِ أو قبلَها بقليلٍ ، وهم يتعلَّمُون بالقدوةِ والمشاهَدَةِ أكثرَ مِمَّا نتصوَّرُه ، فالطِّفلُ يحاكي أفعالَ والدِه ، والطِّفلةُ تحاكي أفعالَ أمِّها ، وهذا يؤكِّدُ أموراً عدَّةً ، منها :
- ألا نظهرَ أمامَه إلا بصورةٍ حسنةٍ .
وليسَ النَّبتُ ينبتُ في جنانٍ كمثلِ النَّبتِ ينبتُ في فلاةِ
وهل يُرجى لأطفالٍ كمالٌ إذا ارتضعُوا ثُدُيَّ النَّاقصَاتِ ؟!
فانتبهي أيَّتُها الأمُّ لأفعالِكِ وأقوالِكِ خاصَّةً أمامَ صغارِكِ .
- ثُمَّ الإبتعادُ عن المتناقضات في الحياةِ ، فإنَّها تهلكُ الطِّفلَ وتمزِّقُ نفسيَّتَه ، وخُذ أمثلةً على ذلك :
• المدرِّسُ يحذِّرُ الطِّفلَ من الدُّخانِ والتَّدخينِ مثلاً وخطرِه، وأنَّه محرَّمٌ يغضبُ الله عز وجل ، ثُمَّ إذا رجعَ الطِّفلُ إلى بيتِه وجدَ أباه يدخِّنُ ، وأخاه أيضاً فما رأيكُم وما هو تأثيرُ ذلك على هذه النفسيَّةِ ؟
• وأيضاً الطفلُ يسمعُ عن الصَّلاةِ وأهميَّتِها ، وأنَّ تركَها جريمةٌ وكُفرٌ ، ثُمَّ يرى والدَه أو أخاه لايصلُّون أو لا يحرصُون عليها . هذا في أمورِ العبادةِ ..
وخُذ أمثلةً في الأمورِ الاجتماعيَّةِ :
• عندَ إعطائه علاجاً مُرَّاً مثلاً ، تؤكِّدُ الأمُّ لصغيرِها أنَّ هذا العلاجَ حلوٌ ، فإذا شربَه الصَّغيرُ وجدَهُ مرَّاً علقمَاً ، وانظُر إلى تأثيرِ ذلك في نفسيَّةِ الصَّغيرِ .
• أو لو أنَّ الطبيبَ مثلاً كتبَ حُقنةً و إبرةً لذلك الصَّغيرِ فرُبَّما أنَّ أباه قال للصَّغيرِ: إنَّها لا تؤلِمُ ، فإذا بالصَّغيرِ عندَما يُضرَبُ هذه الحقنةَ يجدُ ألَمَها في نفسِه !!ولك أن تتصوَّرَ كيف تكونُ نفسيَّةُ هذا الصَّغيرِ .
• أو رُبَّما أيضاً عندَ غيابِه عن المدرسةِ بسببِ نومِه أو نومِ والديه ، فغابَ الصَّغيرُ هذا اليومَ عن المدرسةِ فإذا بأبيه غداً يأخذُ بيَدِ الصَّغيرِ فيدخلُ على مديرِ المدرسةِ فيقولُ له مثلاً : إنَّ فلاناً كان مريضاً ، ويسمعُ الصَّغيرُ هذه الكلماتِ ! فماذا ستُحدِثُ هذه الكلماتُ في نفسِ الصَّغيرِ وهو يعلمُ أنَّه لم يكُن مريضاً ؟!
هذه أمثلةٌ .. فأيُّ جريمةٍ نرتكبُها في حقِّ هؤلاء الصِّغارِ ونحنُ لا نشعرُ ؟! إنَّك مهما وعظتَ ، ومهما سمعُوا من المدرِّسين فإنَّهُم لن يحملُوا في داخلِ نفوسِهم سوى الصُّور التي يرونها أمامَهم ، إنْ خيراً فخيرٌ وإنْ شرَّاً فشرٌّ .
وقد تنبَّهَ السَّلفُ الصَّالحُ رضوانُ الله تعالى عليهم إلى هذا الأمرِ وأهميَّتِه ، فهذا عمرو بن عتبةَ ينبِّهُ معلِّمَ ولدِه لهذا الأمرِ فيقولُ : ليَكُن أوَّلَ إصلاحِك لولدي إصلاحُك لنفسِك ، فإنَّ عيونَهم معقودةٌ بعينِك ، فالحَسَنُ عندَهم ما صنعتَ ، والقبيحُ عندَهم ما تركتَ .
إذن فليسمِع الآباءُ ولتسمَع الأمَّهاتُ ، وليسمَع المدرِّسُون ولتسمَعِ المدرِّساتُ ، إنَّكُم مهما قلتُم فأولادُكم وطلاَّبُكم يفعلُون ما فعلتُم ، فالله الله في القُدوةِ ، وإنَّ الأزمةَ التي يعيشُها التَّعليمُ اليومَ في الأمَّةِ أجمعَ هي أزمةُ قدواتٍ .
وهذا أمرٌ مشاهَدٌ محسوسٌ ، فانظُر إليهم في المساجدِ عندَ ركُوعِهم وسجُودِهم ولَعبِهم وضَربِهم لبعضٍ !
فلماذا لا يجلسُ الأبُ أو الأمُّ وقتاً يسيراً لتعليمِ صغارِهم هذا الرُّكنَ العظيمَ ؟ وذلك بالتَّطبيقِ العمليِّ أمامَه ثُمَّ ليطبِّقْ الولدُ ما يراه ، فإن أخطأَ وُجِّهَ بدون تعنيفٍ .
إنَّ أولادَنا الصِّغارَ كثيراً ما يندفعُون لتقليدِ آبائهم وأمَّهاتِهم في الصَّلاةِ ، فيقفُون بجوارِهم ، ويفعلُون كما يفعلُ آباؤهم ، ولذلك نوصي الأبَ بأن يحرصَ على صلاةِ الرَّواتبِ والنَّوافلِ في البيتِ ، بل هذه هي السنَّةُ فقد قالَ صلى الله عليه وسلم " صَلُّوا- أَيُّهَا النَّاسُ- فِي بُيُوتِكُمْ ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ "[2] .
وفي صلاةِ النَّافلةِ في البيوتِ فوائدُ كثيرةٌ منها :
تشجيعُ الزَّوجةِ والأهلِ على العبادةِ ، وإحياءُ البيتِ وطردُ الشَّياطين ، وكثرةُ مشاهدةِ الصِّغارِ والدَهم وهو يُصلِّي ، وهذا ما يُسمَّى عندَ علماءِ التَّربيةِ بأسلوبِ التَّربيةِ بالعادةِ وهو من أسهلِ الأساليبِ وأفضلِها .
وكم نغفلُ عن هذا المنهجِ النبويِّ في أمرِ الصَّلاة ،فقد قالَ صلى الله عليه وسلم " مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ "[3] ،
وفي هذا الحديثِ يَمرُّ الصَّغيرُ بثلاثِ مراحلَ :
• قبلَ السَّبعِ ، وهذا أمرٌ مندوبٌ إليه أن يُشَجَّعَ الصَّغيرُ بالتَّلميحِ والتَّعريضِ في الصَّلاةِ .
• وما بعدَ السَّبعِ ،وهنا يجبُ على الأبِ وعلى الأمِّ أن يعلِّما صغيرَهما على الصَّلاةِ وأركانِها وما يقولُ فيها .
• ثُمَّ المرحلةُ الثالثةُ عندَ العشرِ وما بعدَها ، فإن لم يستجِب الصَّغيرُ فكما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم " وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ " ، ولا يُستعمَلُ العقابُ البدنيُّ _ أي الضَّرب _ إلا بعدَ فَشَلِ جميعِ الوسائلِ والعقوباتِ الأخرى من وعظِه وتعنيفِه وهجرِه - أي لا يكلِّمُه ولا يمازحُه ويحرمه بعضَ ما يحبُّ - .
وكم نقعُ في أخطاء تربويَّةٍ جسيمةٍ في أمرِ الصَّلاةِ بدون أن نشعرَ ، ومن هذا الحرصُ الشَّديدُ على إيقاظِه للمدرسةِ والاهتمامُ بذلك ، وألاَّ يتأخَّرَ لحظاتٍ ورُبَّما عقابُه لو تأخَّرَ ، أمَّا صلاةُ الفجرِ فتأخذُ الأمَّ الشَّفَقَةُ والرَّحمةُ بإيقاظِ ولدِها لها ، فلا يصلِّيها إلا عندَ ذهابِه للمدرسةِ ، مع أنَّ الولدَ بلغَ العاشرةَ ، يندب له أن يصليها لوقتِها مع جماعةِ المسلمين !
ولاشكَّ أنَّ الأمَّ آثمةٌ في مثلِ هذا الفعلِ ، وأنَّ الشَّفقةَ والرَّحمةَ تكون في إيقاظِه وصلاتِه مع المسلمين ، ولذلك قال الحقُّ عز وجل } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا{[التحريم:6]، فإذا أردنا الشَّفَقَةَ ووقايةَ أولادِنا فذلك يكونُ بتعليمِهم وتأكيدِ أهميَّةِ صلاةِ الفجرِ معَ المسلمين في وقتِها .
يُروى في سيرةِ الإمامِ أحمدَ أنَّ أمَّه كانَت توقظُه في ثُلُثِ الَّليلِ الأخيرِ فتسخِّنُ له الماءَ فيصلِّي ما شاءَ الله أن يُصلِّي ، ثُمَّ إذا أذَّنَ لصلاةِ الفجرِ أخذَت بيدِه وسارَت معه حتَّى أدخلَته المسجدَ ثُمَّ قبعَت عندَ عَتَبةِ المسجدِ تنتظرُ صغيرَها حتى ينتهي من الصَّلاةِ ،فإذا انتهى أخذَت بيدِه وأرجعَته إلى بيتِها .
هكذا كانت الأمَّهاتُ رضوانُ الله تعالى عليهِنَّ في الحرصِ على تربيةِ الصغيرِ والاهتمامِ به ، ولذلك كان خلفَ الإمامِ أحمدَ من خَلْفَهُ من أمٍّ صالحةٍ تحرصُ على تربيةِ هذا الصَّغيرِ تربيةً ربانيَّةً .
الوسيلةُ الثَّالثةُ :
القدوةُ الصَّالحةُ ،فإنَّ الصِّغارَ يبدؤون التَّقليدَ من السَّنَةِ الثَّانيةِ أو قبلَها بقليلٍ ، وهم يتعلَّمُون بالقدوةِ والمشاهَدَةِ أكثرَ مِمَّا نتصوَّرُه ، فالطِّفلُ يحاكي أفعالَ والدِه ، والطِّفلةُ تحاكي أفعالَ أمِّها ، وهذا يؤكِّدُ أموراً عدَّةً ، منها :
- ألا نظهرَ أمامَه إلا بصورةٍ حسنةٍ .
وليسَ النَّبتُ ينبتُ في جنانٍ كمثلِ النَّبتِ ينبتُ في فلاةِ
وهل يُرجى لأطفالٍ كمالٌ إذا ارتضعُوا ثُدُيَّ النَّاقصَاتِ ؟!
فانتبهي أيَّتُها الأمُّ لأفعالِكِ وأقوالِكِ خاصَّةً أمامَ صغارِكِ .
- ثُمَّ الإبتعادُ عن المتناقضات في الحياةِ ، فإنَّها تهلكُ الطِّفلَ وتمزِّقُ نفسيَّتَه ، وخُذ أمثلةً على ذلك :
• المدرِّسُ يحذِّرُ الطِّفلَ من الدُّخانِ والتَّدخينِ مثلاً وخطرِه، وأنَّه محرَّمٌ يغضبُ الله عز وجل ، ثُمَّ إذا رجعَ الطِّفلُ إلى بيتِه وجدَ أباه يدخِّنُ ، وأخاه أيضاً فما رأيكُم وما هو تأثيرُ ذلك على هذه النفسيَّةِ ؟
• وأيضاً الطفلُ يسمعُ عن الصَّلاةِ وأهميَّتِها ، وأنَّ تركَها جريمةٌ وكُفرٌ ، ثُمَّ يرى والدَه أو أخاه لايصلُّون أو لا يحرصُون عليها . هذا في أمورِ العبادةِ ..
وخُذ أمثلةً في الأمورِ الاجتماعيَّةِ :
• عندَ إعطائه علاجاً مُرَّاً مثلاً ، تؤكِّدُ الأمُّ لصغيرِها أنَّ هذا العلاجَ حلوٌ ، فإذا شربَه الصَّغيرُ وجدَهُ مرَّاً علقمَاً ، وانظُر إلى تأثيرِ ذلك في نفسيَّةِ الصَّغيرِ .
• أو لو أنَّ الطبيبَ مثلاً كتبَ حُقنةً و إبرةً لذلك الصَّغيرِ فرُبَّما أنَّ أباه قال للصَّغيرِ: إنَّها لا تؤلِمُ ، فإذا بالصَّغيرِ عندَما يُضرَبُ هذه الحقنةَ يجدُ ألَمَها في نفسِه !!ولك أن تتصوَّرَ كيف تكونُ نفسيَّةُ هذا الصَّغيرِ .
• أو رُبَّما أيضاً عندَ غيابِه عن المدرسةِ بسببِ نومِه أو نومِ والديه ، فغابَ الصَّغيرُ هذا اليومَ عن المدرسةِ فإذا بأبيه غداً يأخذُ بيَدِ الصَّغيرِ فيدخلُ على مديرِ المدرسةِ فيقولُ له مثلاً : إنَّ فلاناً كان مريضاً ، ويسمعُ الصَّغيرُ هذه الكلماتِ ! فماذا ستُحدِثُ هذه الكلماتُ في نفسِ الصَّغيرِ وهو يعلمُ أنَّه لم يكُن مريضاً ؟!
هذه أمثلةٌ .. فأيُّ جريمةٍ نرتكبُها في حقِّ هؤلاء الصِّغارِ ونحنُ لا نشعرُ ؟! إنَّك مهما وعظتَ ، ومهما سمعُوا من المدرِّسين فإنَّهُم لن يحملُوا في داخلِ نفوسِهم سوى الصُّور التي يرونها أمامَهم ، إنْ خيراً فخيرٌ وإنْ شرَّاً فشرٌّ .
وقد تنبَّهَ السَّلفُ الصَّالحُ رضوانُ الله تعالى عليهم إلى هذا الأمرِ وأهميَّتِه ، فهذا عمرو بن عتبةَ ينبِّهُ معلِّمَ ولدِه لهذا الأمرِ فيقولُ : ليَكُن أوَّلَ إصلاحِك لولدي إصلاحُك لنفسِك ، فإنَّ عيونَهم معقودةٌ بعينِك ، فالحَسَنُ عندَهم ما صنعتَ ، والقبيحُ عندَهم ما تركتَ .
إذن فليسمِع الآباءُ ولتسمَع الأمَّهاتُ ، وليسمَع المدرِّسُون ولتسمَعِ المدرِّساتُ ، إنَّكُم مهما قلتُم فأولادُكم وطلاَّبُكم يفعلُون ما فعلتُم ، فالله الله في القُدوةِ ، وإنَّ الأزمةَ التي يعيشُها التَّعليمُ اليومَ في الأمَّةِ أجمعَ هي أزمةُ قدواتٍ .